كتاب: قوت المغتذي على جامع الترمذي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: قوت المغتذي على جامع الترمذي



24- [54] عن الزهري قال: إنما كره المنديل بعد الوضوء لأنَّ الوضوء يوزن. رواه البيهقي في شعب الإيمان من طريق الترمذي بلفظ: لأنَّ كل قطرة توزن.
قُلْتُ: هذا الذي ذكره الزهري ورد موقوفًا. فأخرج تمَّام في فوائده، وابن عساكر في تاريخه من طريق مقاتل بن حيان عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من توضأ فمسح بثوب نظيف فلا بأس به، ومن لم يفعل فهو أفضل، لأنَّ الوضوء يوزن يوم القيامة مع سائر الأعمال».
25- [55] روى عبد الله بن صالح وغيره عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس، عن عقبة بن عامر، عن عمر حديث الذكر بعد الوضوء.
هذا الطريق أخرجه مسلم.
قال ابن العربي: وعجبًا للمصنف كيف عرَّج عنها.
وهذا حديث في إسناده اضطراب ولا يصح عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه كبير شيء.
قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الشرح: لكن رواية مسلم سالمة من هذا الاعتراض، والزيادة التي عنده رواها البزار والطبراني في الأوسط من طريق ثوبان، ولفظه: «من دعا بِوَضُوء فتوضأ فساعة فرغ من وضوئه، يقول: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأشهد أن محمَّدًا رسول الله، اللَّهم اجعلني من التَّوابين واجعلني من المتطهرين» الحديث.
27- [66] «عن أبي سعيد الخدري قال: قيل: يا رسول الله أَتَتَوَضَّأ من بِئرِ بُضَاعة».
قال النووي في شرح المهذب: هو بتائين مثناتين من فوق، خطاب للنَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: وقد رأيتُ من صحَّفه بالنون وهو غلط فاحش.
قال: ولفظ رواية النسائي: «مررتُ بالنَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتوضأ من بئر بضاعة فقلتُ: أتتوضَّأ منها؟».
وللدارقطني: «قيل: يا رسول الله! إنَّه يُستقى لك من بئر بضاعة بِئر بني ساعدة، وهي بئر تُلقى فيها محائض النساء، ولحوم الكلاب، وعَذرَات النَّاس».
والمشهور في بضاعة أنها بضم الباء وإعجام الضاد وحَكى جماعة كسرها، ثم قيل: هو اسم لصاحب البئر، وقيل: اسم لموضعها.
«يلقى فيها الحِيَضُ» ضبطه النووي: بكسر الحاء وفتح الياء زاد ابن سيد النَّاس: جمع حِيضَة بكسر الحاء على الاسم من الحَيْضَة بالفتح.
حديث حسن، وقد جود أبو أسامة هذا الحديث.
قال الحافظ ابن حجر في التخريج: قد صححه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وابن حزم. ونقل ابن الجوزي أنَّ الدارقطني قال: إنه ليس بثابت، ولم نر ذلك في العلل له، ولا في السنن. وأعله ابن القطان بجهالة راويه عن أبي سعيد، واختلاف الرواة في اسمه، واسم أبيه.
28- [67] «عن ابن عمر: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض وما ينوبه» أي: ينزل به ويقصده.
وقال ابن سيد النَّاس: أي: ما يطْرُقه من السباع والدواب.
قال: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث» معناه: لم يَنْجُس بوقوع النَّجاسة فيه، كما في رواية أبي داود وابن حبان: «فإنه لا يَنْجُس»، وفي رواية الحاكم: «لَم يُنَجِّسهُ شَيء». والتقدير لا يقبل النَّجاسة بل يدفعها عن نفسه، ولو كان المعنى أنه يَضْعف عن حمله، لم يكن للتقييد بالقلتين معنى، فإنَّ ما دونهُمَا أولى بذلك.
وقيل: معناه: لا يقبل حكم النجاسة، كما في قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا}: أي: لم يقبلوا حكمها.
قال ابن العربي: مدار هذا الحديث على مَطْعُونٍ عليه، أو مضطربٍ في الرواية، أو موقوف. وحسبك أنَّ الشافعي رواه عن الوَليد بن كثير وهو إباضي. واختلفت رواياته فقيل: قلتين أو ثلاثًا.
وروي: أربعون قُلَّة، وروي: أربعون غَرْبًا، وَوُقِفَ على عبد الله بن عمرو، وعلى أبي هريرة. ولقد رام الدارقطني أن يتخلص من رواية هذا الحديث بجُرَيْعَةِ الدَّقَن، فاغتص بها، وعلى كثرة طرقه لم يخرجه من شرط الصحة.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: هذا الحديث تكلم فيه جماعة من أهل العلم، ولم يوقف على حقيقة مبلغ القلتين في أثر ثابت.
وقال في الاستذكار: حديث معلول رده إسماعيل القاضي وتكلم فيه.
وقال الطحاوي: إنما لم نقل به لأنَّ مقدار القلتين لم يثبت.
وقال ابن دقيق العيد: هذا الحديث صححه بعضهم وهو صحيح على طريقة الفقهاء؛ لأنَّه وإن كان مضطرِب الإسناد، مختلفًا في بعض ألفاظه، فإنه يجاب عنها بجواب صحيح بأنه يمكن الجمع بين الروايات، ولكن تركته لأنَّه لم يثبت عندنا بطريق استقلالي- يجب الرجوع إليه شرعًا- تعيينُ مقدار القلتين.
وقال الحافظ أبو الفضل العراقي في أماليه: قد صحح هذا الحديث الجم الغفير من أئمة الحفاظ: الشافعي، وأبو عبيد، وأحمد، وإسحاق، ويحيى بن معين، وابن خزيمة، والطحاوي، وابن حبان، والدارقطني، وابن منده، والحاكم، والخطابي، والبيهقي، وابن حزم، وآخرون. وقال البيهقي: قد ورد في بعض طرق الحديث: «قلتين بِقِلال هجرٍ»، وقِلالُ هَجَرٍ كانت مشهورة عندهم، ولهذا شبه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما رأى ليلة المعراج من نَبْقِ سدرة المنتهى بقوله: «فإذا ورقها مثلُ آذان الفِيَلَة، وإذَا نبقُهَا مثلُ قِلاَلِ هجرٍ». وقال الأزهري: القِلاَل مختلفةٌ في قُرى العرب، وقِلال هَجَرٍ أكبرها، وقال: الخطابي: قلال هجر مشهورة الصفة معلومة المقدار.
والقُلَّة لفظ مشترك، وبعد صرفها إلى أحد معلوماتها: وهو الأواني، تبقى مترددة بين الكبار والصغار، والدليل على أنها من الكبار: جعْلُ الشارع الحدَّ مُقدَّرًا بعدد، فدلَّ على أنَّه أشار إلى أكبرها؛ لأنَّه لا فائدة في تقديره بقلتين صغيرتين مع القدرة على تقديره بواحدة كبيرة.
29- [68] «لا يَبُولنَّ أحدكم في الماء الدائم» أي: الرَّاكد «ثم يتوضأُ» بالرفع.
30- [69] «مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة من آل بني الأزرق، أنَّ المغيرة بن أبي بردة- وهو من بني عبد الدار- أخبره أنه سمِعَ أبا هريرة يقول: سأل رجلٌ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر» الحديث.
قال ابن العربي: حديث مشهور، ولكن في طريقه مجهول، وهو الذي قطع بالصحيحين عن إخراجه. وأصل مالك: أنَّ شهرة الحديث بالمدينة تغني عن صحة سنده. انتهى.
وقال الشافعي: في إسناد هذا الحديثٌ من لا أعرفه.
قال البيهقي: يحتمل أن يريد سعيد بن سلمة، أو المغيرة أو كليهما.
وقال الحافظ ابن حجر في التخريج: لم ينفرد به سعيد عن المغيرة، فقد رواه عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، والمغيرهَ وثقه النسائي.
وقد صحح هذا الحديث- غير الترمذي- ابن المنذر، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وابن منده، وأبو محمَّد البغوي.
وسمى ابن بشكوال السائل: عبد الله المدلجي.
وقال النووي في شرح المهذب: اسمه عبيد، وقيل: عبد، قال: وأما قول السمعاني في الأنساب: اسمه العركي، ففيه إيهام أنَّ العركي اسم علم له وليس كذلك، بل العركي وصف: وهو ملاح السفينة.
«إنا نركب البحر» زاد الحاكم: «نريد الصيد، ونحمل القليل من الماء».
لفظ الحاكم والبيهقي: فيحمل أحدنا معه الإداوة وهو يرجو أن يأخذ الصيد قريبًا، فربما وجده كذلك، وربما لم يجد الصيد حتى يبلغ من البحر مكانًا لم يظن أن يبلغه، فلعله يحتلم أو يتوضأ، فإن اغتسل أو توضأ بهذا الماء فلعلَّ أحدنا يُهلكه العطش، فهل ترى في ماء البحر أن نغتسل به، أو نتوضأ به إذا خفنا ذلك؟ فقال: اغتسلوا منه وتوضؤوا به، فإنه الطَّهور ماؤه- بفتح الطاء- الحل ميتته.
فقال الخطابي في الإصلاح: عوام الرواة يقولون بكسر الميم من المِيتَةِ، يَقُولون: مِيتَتُهُ، وإنما هي مَيتَتُه مفتوحة: يريدون حيوان البحر إذا ماتَ فيه، وسمعت أبا عمرو يقول: سمعتُ المبرد يقول: المِيتة الموت وهو أمر من الله عز وجل يقع في البر والبحر لا يقال فيه حلال ولا حرام.
قال ابن العربي: إنَّما توقفوا في ماء البحر لأحد وجهين: إما لأنه لا يشرب، وإما لأنه طبق جهنم، كما روي عن ابن عمرو؛ وما كان طبق سُخطٍ، لا يكون طريق طهارة ورحمة، وإنما أجابهم بما ذكره، ولم يقل لهم نعم؛ لأنه لو قال ذلك لما جاز الوضوء به إلاَّ للضرورة على حسب ما وقع في السؤال، فاستأنف بيان الحكم لجواز الطهارة به، وزاد في الجواب ما تتم به الفائدة، وذلك من محاسن الفتوى.
وقد روى الدارقطني: أنَّ البحر طهور الملائكة إذا نزلوا وإذا عرجوا. انتهى. وقال عبد الله بن عمرو: وهو نار. قال ابن العربي: أراد أنه طبق النَّار؛ لأنه ليس بنار في نفسه.
31- [72] «أنَّ ناسًا من عُرَينة» عدَّتهم ثمانيةٌ كما في الصحيح.
«قدموا المدينة فاجْتَووها» أي: لم توافقهم.
«فقتلوا راعي النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» اسمه يسار.
«وسمَر أعينهم» بالتخفيف: أي أحمى لهم مسامير الحديد ثم كَحَلهم بها.
«يَكْدُمُ الأرض» أي يَعَضُّ، ونحوه يَكُد.
31 م- 73 «سَمل» بالتخفيف: أي: فقأها بحديدة مُحْمَاة أو غيرها وهو بمعنى السَّمَر.
32- [77] «غط» قال ابن العربي: هو ترديد النَّفس في الحَلق حتى يكون له صوت.
33- [78] «كان أصحاب النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينامون» زاد أبو داود: «حتى تَخْفِقَ رءوسهم».
34- [79] «الوضوء مما مست النَّار» هو مبتدأ، أو خبر، أي: ثابت أو مستَقِر.
«ولو من ثَوْرِ أَقِط» بالمثلثة.
قال ابن العربي: الثَّور جُملةً: مجموعةٌ من الطَّعام، وقد أضيف إلى الأقط وهو لبن جامد مُستحجِر، قال: والمراد غسل اليد والفم منه، ومنهم من حمله على ظاهره وأوجب فيه وضوء الصلاة.
35- [80] «بِقناع» هو الطَّبق.
«بِعُلالَةٍ» هو البقية، ويقال في كل شيء.
36- [81] «عن البراء بن عازب قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوضوء من لحوم الإبل؟ فقال: توضؤا منها».
قال ابن العربي: هذا الحديث صحيح ظاهر مشهور، وليس بقوي عندي تَرْكُ الوضوء منه. انتهى.
واختاره من أصحابنا ابن خزيمة، والبيهقي، وهو قول الشافعي في القديم.
وقال النووي في شرح المهذب: هو القوي أو الصحيح من حيث الدليل، قال: وهو الذي أعتقد رجحانه.
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ذي الغُرَّة.
قال الحافظ ابن حجر في التخريج: قد قيل إنَّ ذا الغرة لقب البراء ابن عازب، والصحيح أنه غيره، وأنَّ اسمه يَعِيشُ.
37- [92] «ليست بِنَجَس» بفتح الجيم.
«إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات».
قال الباجي: يحتمل أن يكون على معنى الشك من الراوي، ويحتمل أن يكون النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ذلك، يريد أنَّ هذا الحيوان لا يخلو من جملة الذكور الطوافين والإناث الطوافات.
38- [96] «إذا كنَّا سَفْرًا» قال في النهاية: السَّفر كصاحب وَصَحْبٍ، والمسافرون جمع مسافر، والسَّفر والمسافرون بمعنى.
وقال ابن العربي: هي كلمة تقال للواحد والجمع، والذكر والأنثى سواء.
«أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلاَّ من جنابة، ولكن من بول وغائط، ونوم».
قال ابن العربي: لكن: حرف من حروف النَّسْق، وهي تختص بالاستدراك بعد النَّفي غالبًا، وربما يستدرك بها بعد الإثبات فتختص با لجملة دون المفرد.
وفي لفظ الحديث إشكال لأنَّ قوله: «أمرنا أن لا ننزع خفافنا إلاَّ من جنابة» نفي مُعَقَّبٌ باستثناء فيصير إيجابًا، وقوله بعد ذلك: «لكن»، استدراك من إيجاب بمفرد، وذلك خلاف ما تقدم، وفيه نظر، ومعناه- بعد تأمل وفكر- مقررٌ في رسالة ملجئة المتفقهين إلى معرفة غوامض النحويين وتقريبه: «أُمرنا ألا نُمسك خفافنا في السفر مدة ثلاثة أيام ولياليهن المرخصِ فيهن الإمساكُ عند الجنابة، لكن عند البول والغائط والنوم».
39- [101] «مَسَحَ على الخفين والخمار» قال ابن العربي: هو ما تستر به المرأة رأسها، وهو لها كالعِمَامَة للرجل، ولم أجده مستعملاً للرَّجل إلاَّ في هذا الحديث، وإن اقتضاه الاشتقاق، لأنَّه من التخمير.
وقال في النِّهاية: أراد بالخمار العِمامة؛ لأنَّ الرَّجل يغطي بها رأسه، كما أنَّ المرأة تغطيه بخمارها، وذلك إذا كان اعتَمَّ عِمَّة العرب فأدارها تحت الحَنك فلا يستطيع نزعها في كل وقت، فتصير كالخفين غير أنه يحتاج إلى مسح القليل من الرأس ثم يمسح على العمامة بدل الاستيعاب.
40- [99] «على الجوربين» تثنية جورب.
قال ابن العربيِ: وهو غشاء للقدم من صوف يتخذ للدفء.
41- [103] «فأَكْفَأَ الإنَاء» أي أماله. قال في النِّهاية: يقال: كَفَأْتُ الإنَاءَ وَأكفأته إذا كَبَبْته، وإذا أَمَلْتُهُ.
42- [104] «ثُم يُشرِّبُ شعْرَه الماء» أي: يسقيه.
43- [105] «أشُدُّ ضَفْرَ رأسي».
قال في النهاية: أي تعمل شعرها ضفائر وهي الذوائب المضفورة.
وقال ابن العربي: قوله: ضَفْر، يقرأه النَّاس بإسكان الفاء؛ وإنما هو بفتحها، لأنَّ المسُكَّن مصدرُ ضَفَر رَأسه ضَفْرًا، والمفتوح هو الشيء المضفور كالشعر وغيره، والضَّفْر هو نَسْجُ خُصَلِ الشَّعْرِ وَإِدخال بعضها في بعض.
44- [113] «إنَّ النساء شقائق الرِّجال» قال في النِّهاية: أي نظائرهم وأمثالُهم في الأخلاق والطباع كأنهن شُقِقْنَ منهم، ولأَنَّ حواء خُلقَت من آدم عليه السلام. وشقيق الرَّجل: أخوه لأبيه وأمه.
45- [121] «عن أبي هريرة: أن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقيه وهو جنب قال: فانبجست».
قال ابن العربي: هو بالنون ثم بالباء المعجمة بواحدة يعني اندفعت منه، من قوله تعالى: {فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} أي: انفجرت واندفعت، ويروى بالنون ثم التاء المعجمة باثنتين: أي اعتقدتُ نفسي نجسًا، ومعنى منه: من أجله، أي: رأيتُ نفسي نجِسًا بالإضافة إلى طهارته وجلالته، ويُروى: «انْخَنَسْت» أي: تأخرت من قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15)}.
46- [125] «أُسْتَحَاضُ» هو من الأفعال الملازمة البناء للمفعول. «إنما ذلك عِرْق» زاد الدارقطني والبيهقي: «انقطع».
47- [126] «تدع الصلاة أيام أقرائها» أي: حَيضِهَا.
48- [128] «الكرسف» هو القطن.
«إنما أثج ثجًا» بالمثلثة وتشديد الجيم: أي أصُبُّه صَبًا.
«أيَّهما صنعتِ». قال أبو البقاء في إعرابه: أيَّهما بالنَّصب لا غير، والناصب له: صَنَعْتِ.
«إنما هي رَكْضة من الشيطان». قال في النِّهاية: أصل الرَّكض: الضرب بالرِّجل والإصابة بها، كما تُركضُ الدَّابةُ وتُصَاب بالرَّجلِ، أراد الإضرار بها والأذى، المعنى: أنَّ الشيطان قد وجد بذلك طريقًا إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطهرها وصلاتها، حتى أنساها ذلك عادَتها، وصار في التقدير كأنه ركضة بآلة من رَكَضَاته.
«قد طهُرتِ واسْتَنقَأتِ». قال أبو البقاء: كذا وقع في هذه الرواية بالألف والصواب استَنْقَيْتِ؛ لأنه من نَقَّى الشيءَ، وأَنْقَيْتُهُ إِذَا نَظَّفتُه، ولا وجه فيه للألف ولا للهمزة.
«فصلِّي أربعًا وعشرين ليلة، أو ثلاثًا وعشرين ليلة وأيامها».
قال أبو البقاء: وأيَّامها منصوب بِصَلِّي وهو عطف على أربعًا وثلاثًا، والضمير فيه راجع إلى اللَّيالي.
50- [134] «إنَّ حيضتكِ ليست في يدكِ» قال الخطابي في الإصلاح: الرواة يفتحون الحاء ليس بالجيد، والصواب: «حِيضتَكِ» مكسورة الحاء، الحِيضَة. الاسم أو الحال: يريد ليست نجاسة المحيض وأذاه في يدك. فأما الحَيْضَة: فالمرة الواحدة من الحَيْضِ.
51- [135] «من أتى حائضًا أو امرأةً في دبرها، أو كاهنًا فقد كفر بما أُنزل على محمَّد».
قال الطيبي في شرح المشكاة: أتى: لفظٌ مشتركٌ هنا بين المجامعة، وإتيان الكاهن. والمراد بالمُنَزَّل: الكتابُ والسُّنَة، أي من ارتكب الهناتِ فقد برئَ من دين محمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما أنزل عليه، وصرَّح بالحكم تجريدًا. انتهى.
وأقول: وقع في هذا الحديث استخدام وهو عزيز في الحديث، ولما ألَّفتُ شرح ألفِيَّتِي في المعاني والبيان، التزمتُ فيه ذكر أمثلة كثيرة من الحديث، فتَيسَّرَ لي في كل نوع من أنواع (البديع جملةٌ من الأمثلة، إلاَّ الاستخدام فعزَّ عليَّ وجوده في الحديث. واعلم أنَّ لِعُلَمَاءِ) البيانِ في الاستخدام طريقين، أحدهما: طريقةُ المِفتاح وهو أن يؤتى بلفظٍ له معنيان بالاشتراك، أو بالحقيقة والمجاز، أو بالمجاز ويراد به أحد معنييه، ثم يؤتى بضميره مرادًا به المعنى الآخرَ كقوله:
إذا نزل السماء بأرض قوم ** رعيناه وإن كانوا غضابًا

أتى بلفظ السماء وأراد به المطر، ثم بضميره مريدًا به النبات.
قالوا: ولم يقع في القرآن استخدام إلاَّ على هذه الطريقة، وليس كما ظنوا فقد استخرجت بفكري أربع آيات وقع فيها استخدام على هذه الطريقة وأوردتها في كتاب الإتقان.
الطريقة الثانية: طريقة المصباح، أن يؤتى بلفظ مشترك ثم بلفظين يفهم من أحدهما أحد المعنيين، ومن الآخر، كقوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ (9)} الآية، فالصلاة يُحتمل أن يُراد بها فعلُها وموضعُها، وقوله: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} يَخْدِم الأول، و{إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ (11) قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ} يخدِمُ الثَّاني، إذا علمت ذلك، فلم أجد في الحديث ما فيه استخدام على الطريقة الأولى، إلاَّ أن يكون حديث: صلوا ركعتي الضحى بسورتيهما: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)} و{وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)} إذ أعيد الضمير إلى الضحائين- لكون كل سورة فيها ذِكْرُ الضحى- كان استخدامًا على طريقة المفتاح فوجدت هذا الحديث.
فإنَّ «أتى» مُشْتَركٌ بين المجامعة والإتيان الذي هو المجيء، فقوله حائضًا أو امرأةً في دبرها يخدِمُ المعنى الأول، وقوله: «أو كاهنًا» يَخْدِمُ المعنى الثَّاني.
52- [138] «حُتِّيه» بالمثناة أي: حُكِّيه.
«ثم اقْرُصيه» بالصاد المهملة.
قال في النهاية: القَرْصُ: الدَّلْكُ بأطراف الأصابع والأظفار مع صب الماء عليه حتى يذهب أثرُهُ.
53- [139] «بالورْس».
قال ابن العربي: هو نبات يزرع باليمن ولا يكون بغيره من الكَلَف.
قال العربي: هو لُمعٌ سودٌ تكون في الوجه.
54- [140] «كان يطوف على نسائه في غُسل واحد».
قال ابن العربي: له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الوطء القوةُ الظاهرةُ على الخلق، وكان له في الأكل القناعة؛ ليجمع الله له الفضيلتين في الأمور الاعتيادية، كما جمع له الفضلين في الأمور الشرعية.
55- [143] «يطهرة ما بعده». قال مالك: أراه في القَشْب اليابس.
«لا نتَوَضْأُ مِنَ المَوْطِئ». قال ابن العربي: مَفْعِل بكسر العين من وَطِئ، وهو اسم الموضع، أي: المكان القذر، ويكون بفتحها، والمعنى واحد، ويجوز من الموطوء بمعنى مفعول.
قال في النِّهاية: أي ما يوطأ من الأذى في الطريق. أراد لا نعيد الوضوء منه لا أنَّهم كانوا لا يغسلونه.
56- [147] «دخل أعرابي المسجد» زاد الدارقطني: «فقال: يا محمَّد متى الساعة؟ فقال له: ما أعددت لها؟ فقال: لا، والذي بعثك بالحق ما أعددت لها من كثير صلاة وصيام، إلاَّ أنِّي أحب الله ورسوله، فقال: أنت مع من أحببت قَالَ: وهو شيخ كبيرٌ».
«لقد تحجَّرت واسعًا».
قال ابن العربي: معنى اعتقدت المنع فيما لا منع فيه من رحمة الله.
«فأسرع إليه النَّاس» زاد الدارقطني: «فقال النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دعوه نخشى أن يكون من أهل الجنة».
«أهْرِيقُوا عليه» ضُبط بسكون الهاء وفتحها.
«سَجْلاً». قال ابن العربي: هو الدَّلْوُ مَلأى فإن لم يكن فيها ماء ليس بسجل، قال: والدلو مؤنثة، والسجل مذكر.
فائدة:
قال ابن العربي: تبين برواية الدارقطني أنَّ البائل في المسجد هو السائل عن الساعة، والقائل ولا ترحم معنا أحدًا.
وذكر الحافظ ابن حجر: أنه ذو الخُويصرة، ورَد ذلك عن مرسل سليمان بن يسار أخرجه أبو موسى المديني في الصحابة.